بسم الله الرحمن الرحيم
كتب أحدهم في أحد المنتديات شبهة حول حديث صحيح ورد في صحيح مسلم ويدّعي أنه كان سبب تركه للإسلام 0
رغم أنني قرأت الحديث ولم أترك الإسلام بل إن رواة الحديث وعلماء الدين وعلماء الحديث بأكملهم الذين يعلمون في الأحاديث أكثر مني ومنه لم يتركوا الإسلام بسبب هذا الحديث
ولنلقي نظرة على الحديث الشريف وعلى ما جعله يترك الإسلام بسببه ونكتب ما يسر الله لنا من الرد لربما يهديه الله أو يهدي غيره ونسأل الله التوفيق
هذا نص شبهته:
تسجير جهنم حدثنا الربيع بن نافع حدثنا محمد بن المهاجر عن العباس بن سالم عن أبي سلام عن أبي أمامة عن عمرو بن عبسة السلمي أنه قال قلت يا رسول الله أي الليل أسمع قال جوف الليل الآخر فصل ما شئت فإن الصلاة مشهودة مكتوبة حتى تصلي الصبح ثم أقصر حتى تطلع الشمس فترتفع قيس رمح أو رمحين فإنها تطلع بين قرني شيطان ويصلي لها الكفار ثم صل ما شئت فإن الصلاة مشهودة مكتوبة حتى يعدل الرمح ظله ثم أقصر فإن جهنم تسجر وتفتح أبوابها فإذا زاغت الشمس فصل ما شئت فإن الصلاة مشهودة حتى تصلي العصر ثم أقصر حتى تغرب الشمس فإنها تغرب بين قرني شيطان ويصلي لها الكفار وقص حديثا طويلا قال العباس هكذا حدثني أبو سلام عن أبي أمامة إلا أن أخطئ شيئا لا أريده فأستغفر الله وأتوب إليه
هذا الحديث للعلم مذكور في صحيح مسلم
هذا الحديث لاتعلمون كم أثر علي, خصوصاً أنني قرأته قبل أن أصلي صلاة الضحى!!!!
وكما قلت سابقاً هل لايعلم محمد بأنّ الأرض كرويّة ويتعاقب فيها الوقت نفسه على البلدان بشكل مستمر؟ هذا الحديث كان بمثابة المسمار العظيم الذي ضرب إيماني بشكل كبير
فإن كانت جهنّم تسجر في ذلك الوقت فبالتأكيد عندما يحل ذلك الوقت على المدينة يكون أهل المنطقة الوسطى في السعودية يصلون نافلة الظهر! وفي الجهة المقابلة فإنهم مازالوا يصلون الضحى في مصر وغيرها من البلدان.. فهل يصلّون وقت تسجير جهنّم؟ الوقت يتعاقب على كل الكرة الأرضية بشكل مستمرّ فهل تسجّر جهنّم بشكل مستمر؟ وإن كانت كذلك فلم نهى محمد عن الصلاة ذلك الوقت؟
التفسير الوحيد لذلك هو أنه بالفعل لم يكن يعرف أن الأرض كرويّة وكان يظنّ أنّ الوقت واحد على الأرض
هذا الحديث للعلم مذكور في صحيح مسلم
هذا الحديث لاتعلمون كم أثر علي, خصوصاً أنني قرأته قبل أن أصلي صلاة الضحى!!!!
وكما قلت سابقاً هل لايعلم محمد بأنّ الأرض كرويّة ويتعاقب فيها الوقت نفسه على البلدان بشكل مستمر؟ هذا الحديث كان بمثابة المسمار العظيم الذي ضرب إيماني بشكل كبير
فإن كانت جهنّم تسجر في ذلك الوقت فبالتأكيد عندما يحل ذلك الوقت على المدينة يكون أهل المنطقة الوسطى في السعودية يصلون نافلة الظهر! وفي الجهة المقابلة فإنهم مازالوا يصلون الضحى في مصر وغيرها من البلدان.. فهل يصلّون وقت تسجير جهنّم؟ الوقت يتعاقب على كل الكرة الأرضية بشكل مستمرّ فهل تسجّر جهنّم بشكل مستمر؟ وإن كانت كذلك فلم نهى محمد عن الصلاة ذلك الوقت؟
التفسير الوحيد لذلك هو أنه بالفعل لم يكن يعرف أن الأرض كرويّة وكان يظنّ أنّ الوقت واحد على الأرض
وكان رد أحدهم تعقيباً على كلامه
هل لايعلم محمد بأنّ الأرض كرويّة ويتعاقب فيها الوقت نفسه على البلدان بشكل مستمر؟ لا , لا يعلم بذلك , لكن اتباعه يعلمون كيف يرقعون له
الرد على الشبهة
يدّعي المعترض أن نبينا صلى الله عليه وسلم عارض كروية الأرض وقد نسي أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو الذي عرّف البشرية بكروية الأرض من قبل اكتشافها بالدليل من القرآن والسنة الشريفة بل إن إجماع الأمة على كروية الأرض ولا يقول بغير هذا إلا جاهل
فالدليل من القرآن الكريم الذي أخبرنا به محمد صلى الله عليه وسلم ... : خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ [الزمر : 5]
فكيف سيتكور الليل والنهار إلا لو لم يكن هناك شئ يتكور عليه ؟
الآية لا تحتاج بحث ولا تفسير ولكن للتأكيد نورد بعض ما ورد في هذا الأمر:-
جاءَ في تفسيرِ المنار " قوله تعالى : (يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل) (39 : 5) تقول العرب : كار العمامة على رأسه إذا أدارها ولفها ، وكورها بالتشديد صيغة مبالغة وتكثير ، فالتكوير في اللغة : إدارة الشيء على الجسم المستدير كالرأس ، فتكوير الليل على النهار نص صريح في كروية الأرض" اهـ
قَالَ ابنُ قتيبة: " وأصلُ التكوير اللف" اهـ
المصدر: زاد المسير (7/163)
قالَ الفراء - رحمهُ الله- : " اصل التكوير في اللغة اللف والجمع ومنه كور العمامة ومنه إذا الشمس كورت "
المصدر: معاني القرآن (6/152)
آية أخرى : عن يوم القيامة : وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ[الانشقاق : 3]
فالأرض يوم القيامة سوف تُمَد أي أنها قبل القيامة لم تكن ممدودة والشئ قبل أن يُمَد تكون أطرافه منبعجة وهذا دليل قرآني آخر على كروية الأرض
أما من الحديث الصحيح وقد ورد فيه " إذا كان يوم القيامة مد الله الأرض مد الأديم ، حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدميه ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : فأكون أول من يدعى ، وجبرئيل عن يمين الرحمن ، والله ما رآه قبلها ، فأقول : أي رب ! إن هذا أخبرني إنك أرسلته إلي ، فيقول الله عز وجل : صدق ، ثم أشفع ، قال : فهو المقام المحمود الراوي: علي بن الحسين بن أبي طالب المحدث: ابن جرير الطبري - المصدر: تفسير الطبري - الصفحة أو الرقم: 9/181
خلاصة حكم المحدث: صحيح
إذاً اختصت الأرض بصفة المد فقط يوم القيامة أما قبل ذلك فهي غير ممدودة وإلا فما فائدة مدها يوم القيامة ؟
لذلك من يدّعي أن نبينا صلى الله عليه وسلم قال بأن الأرض مربعة أو غير مكورة أو غير ذلك فعليه أن يأتي بدليل
أما إجماع الأمة فقد أجمعت الأمة على كروية الأرض قبل اكتشاف كرويتها في أوقات كانت تحرق الكنيسة كل من يقول بكروية الأرض
ومن أمثلة إجماع الأمة على ذلك : قالَ شيخُ الإسلام ابنُ تيميةَ - رَحِمَهُ الله - : " اعلم أنّ الأرض قد اتفقوا على أنها كرية الشكل" اهـ
المصدر : الأسماء والصفات للشيخ الإسلام ابن تيمية (2/114)
و في مجموعِ الفتاوى :
"سئل :عن رجلين تنازعا في " كيفية السماء والأرض " هل هما " جسمان كريان " ؟ فقال أحدهما كريان ؛ وأنكر الآخر هذه المقالة وقال : ليس لها أصل وردها فما الصواب ؟.
فأجاب :
السموات مستديرة عند علماء المسلمين وقد حكى إجماع المسلمين على ذلك غير واحد من العلماء أئمة الإسلام : مثل
1- أبي الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي أحد الأعيان الكبار من الطبقة الثانية من أصحاب الإمام أحمد وله نحو أربعمائة مصنف .
2 - وحكى الإجماع على ذلك الإمام أبو محمد بن حزم
3 - وأبو الفرج بن الجوزي وروى العلماء ذلك بالأسانيد المعروفة عن الصحابة والتابعين وذكروا ذلك من كتاب الله وسنة رسوله وبسطوا القول في ذلك بالدلائل السمعية" اهـ
المصدر: مجموع الفتاوى (6/586)
هنا بحث رائع يتناول كروية الأرض
هنـــا
إذاً فقد أثبتنا ولله الحمد أن نبينا صلى الله عليه وسلم أخبركم بكروية الأرض من قبل أن تكتشفوها ولكن لأنكم لا تستطيعون إنكار كروية الأرض وانبعاجها التجأتم إلى تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم وادعاء أنه يرى غير ذلك رغم أنكم لا تمتلكون الدليل على ادعاءاتكم .
والآن ننتقل للقسم الثاني من الرد على الشبهة وهو الخاص بالحديث نفسه .. ولفهم هذا الرد ينبغي على القارئ أن يضع في حسبانه عدة أشياء هامة يقوم عليها إيمان كل إنسان له دين سماوي
طاعة الله والتسليم بما قال ، الإيمان بما أنزله الله إلينا من واقع والتصديق بكل ما أخبر عنه من غيبيات نعجز عن إدراكها
الحديث يقول :
عن عمرو بن عبسة السلمي أنه قال قلت يا رسول الله أي الليل أسمع قال جوف الليل الآخر فصل ما شئت فإن الصلاة مشهودة مكتوبة حتى تصلي الصبح ثم أقصر حتى تطلع الشمس فترتفع قيس رمح أو رمحين فإنها تطلع بين قرني شيطان ويصلي لها الكفار ثم صل ما شئت فإن الصلاة مشهودة مكتوبة حتى يعدل الرمح ظله ثم أقصر فإن جهنم تسجر وتفتح أبوابها فإذا زاغت الشمس فصل ما شئت فإن الصلاة مشهودة حتى تصلي العصر ثم أقصر حتى تغرب الشمس فإنها تغرب بين قرني شيطان ويصلي لها الكفار
فيتساءل المُعترض متعجباً " كيف تسجر جهنم فقط في وسط النهار رغم أن الشمس تنتقل من مكان إلى مكان ووسط النهار يوجد طوال أربع وعشرين ساعة بالتعاقب على جميع أنحاء الأرض لفروق التوقيت ؟ إذاً رسول الإسلام يرى أن الأرض ليست كروية
الإجابة :
من قراءتنا للحديث الشريف نجده يتناول جانبين " جانب تكليفي وجانب غيبي "
الجانب التكليفي هو ما فرضه الله علينا من صلوات وما علمه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوقات نؤدي فيها هذه الصلوات
أما الجانب الغيبي هو ما قام النبي صلى الله عليه وسلم بتفسيره من غروب الشمس وطلوعها بين قرني الشيطان وتسجير جهنم
يعترض هنا السائل على الجانب الغيبي الخاص بتسجير جهنم أي توقدها
الإجابة
بداية : بما أن هذه غيبيات فلا نحن نعلم شكل جهنم ولا كيفية تسجيرها ولا نعلم كيفية غروب الشمس وطلوعها بين قرني الشيطان بل لا نعلم أصلاً شكل الشيطان فعلينا بداية أن نُخضِع العقل للوحيين لا أن نخُضِع الوحيين للعقل مادام اتصل الأمر بالغيبيات
لأن العقل عاجز عن فهم الكثير من الأشياء الواقعة أمام عينيه فعلياً فمابالنا بما غاب عنا ولم نره طيلة حياتنا ؟
أما عن تعارض الحديث مع الواقع أو مع إيماننا فهذا خاطئ وليس فيه أدنى صحة ...فإذا نظرنا إلى مواقيت الصلاة وجدناها تختلف من بلد لبلد وكل بلد لها مواقيت للصلاة تختلف عن جارتها " هذا في الواقع المادي الملموس "
أما فيما يرتبط بالغيب والجنة والنار فالأمر يختلف ..
ولنقرب الأمر بمثال : كل إنسان يتشابه مع أخيه في تواجده في الزمان والمكان وقد يختلف ; فكلاهما يتواجدان في مكان واحد ويوسوس لهما نفس الشيطان بل إن أحدهم يكون في أقصى شمال الأرض والآخر في أقصى جنوبها ويوسوس لهما نفس الشيطان وقد يوسوس لهما بنفس الفكرة
وقد ورد في الحديث الصحيح أن الشيطان يجري من بن آدم مجرى الدم فكيف يوسوي الشيطان لكل البشر رغم تباعد المسافات والأمكنة ؟
وكيف ينغز الشيطان كل مولود كما ورد في الحديث الشريف والأطفال تولد بالآلاف كل يوم وكل لحظة في شتى بقاع الأرض؟
وكيف يتنزل الرزق على الرجل في بلد ورجل آخر في بلد آخر؟
وكيف يُدفَن الرجل الصالح بجوار الرجل الفاجر وأحدها يتنعم في قبره والآخر يُعَذّب ؟
فهل يُعقَل أن يجتمع النعيم والعذاب في قبر واحد وفي وقت واحد ؟
إذاً كيف تسجر جهنم لأقوام في بلد ثم تسجر لأقوام في بلد أخرى وهي هي نفس الشمس التي تشرق وتغرب؟
هذه مثل تلك
الله تعالى الذي خلق الخلق وأوجد الأجنة في بطون أمهاتها في شتى بقاع الأرض في نفس اللحظة ورزق هذا وذاك في نفس اللحظة والشيطان يوسوس لهذا وذاك في نفس اللحظة وفلان تسعر ناره بذنوبه وفلان لا تستعر ناره لتوقفه عن الذنوب في نفس اللحظة وفلان تتزين جنته وفلان لا تتزين جنته في نفس اللحظة
بل إن الله تعالى شاء لملك الموت أن يقبض أرواح الآلاف في شتى بقاع الأرض في نفس اللحظة ولا يعجزه ذلك
فالقادر على فعل كل هذا قادر على أن يسجر جهنم لفلان ولفلان حين تحين لحظتهم
ليس هذا فحسب
بل إننا إذا نظرنا لآيات القرآن الكريم لوجدناها تعطينا الخيط لتفسير هذا الأمر : ف : وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الزخرف : 72]
أي أن لكل مخلوق جنته التي خلقها الله تعالى له وكلما صنع خيراً تزينت له جنته
وقد ورث الجنة من إنسان كافر من أهل النار الذي كلما عصى سعرت ناره وتلونت بألوان العذاب على حسب أفعاله
فلكل إنسان ناره وجنته هو بعينه تتزين جنته أو تسعر ناره بحسب عمله هو بعينه
فالرجل يقف بجوار الرجل هذا تتزين جنته بتسبيحه وهذا تستعر ناره بفجره فما المانع أن تسجر النار لأقوام ثم تذهب الشمس لأقوام آخرين فتسجر نارهم وتذهب الشمس لآخرين فتسجر لهم ؟
إذاً فوسط النهار تسجر جهنم الخاصة بهؤلاء الأقوام بعينهم ثم تذهب الشمس لتطلع على أقوام ثم يأتيهم نصف النهار فتسجر جهنم الخاصة بهم بعينهم لأننا نعلم أن لكل إنسان مكانه في الجنة ومكانه في النار
لذلك فالله الخالق القدير يقدر على كل شئ يقدر على جمع الأضداد لأنه خالقها وأعلم بها ولا يعجزه شئ في الأرض ولا في السماء
كما قدر على حماية إبراهيم عليه السلام من النار وهو بداخلها
فقد كان إبراهيم عليه السلام واقفاً في النار ولكنها كانت عليه برداً وسلاما
في حين أنه لو لمسها أي إنسان لأحرقته
وكما سيأذن الله لأهل الجنة أن يدخلوا النار ليُخرجوا منها أحبائهم ولن تحرقهم
فكيف كان ذلك؟
إنها قدرة الخالق التي تُعجِز المخلوقات دوماً وسبحان ربي العظيم
وإن نظرنا إلى الآية الكريمة التي قال الله تعالى فيها : نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ [الهُمَزَة : 6]
فهي نار دائمة الاتقاد وهذا أيضاً يفسر ما تساءل عنه المُعترض فهي تتقد وسط النهار لأقوام ثم تنتقل الشمس لمكان آخر وتتقد لأقوام آخرين وهكذا ... إذاً فهي موقدة وتظل موقدة في ذاتها لكنها بالنسبة للبشر تتقد بحسب مكانهم وزمانهم وهذا يتفق مع القرآن والأحاديث ويفسر بعضها بعضا ولا تعارض ولله الحمد
لكن الأمر يحتاج قليلاً من العقل والبصيرة لا أن يترك إنسان دينه الحق بسبب جدال عن جهل " إن كان على دين سابق كما يزعم "
فجميعنا قرأنا هذا الحديث مرارا وتكرارا ولم يكن المسمار الذي تم دقه في نعش إيماننا :))
والله ولي التوفيق وأستغفر الله تعالى عن أي خطأ أو نسيان والحمد لله
فيتساءل المُعترض متعجباً " كيف تسجر جهنم فقط في وسط النهار رغم أن الشمس تنتقل من مكان إلى مكان ووسط النهار يوجد طوال أربع وعشرين ساعة بالتعاقب على جميع أنحاء الأرض لفروق التوقيت ؟ إذاً رسول الإسلام يرى أن الأرض ليست كروية
الإجابة :
من قراءتنا للحديث الشريف نجده يتناول جانبين " جانب تكليفي وجانب غيبي "
الجانب التكليفي هو ما فرضه الله علينا من صلوات وما علمه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوقات نؤدي فيها هذه الصلوات
أما الجانب الغيبي هو ما قام النبي صلى الله عليه وسلم بتفسيره من غروب الشمس وطلوعها بين قرني الشيطان وتسجير جهنم
يعترض هنا السائل على الجانب الغيبي الخاص بتسجير جهنم أي توقدها
الإجابة
بداية : بما أن هذه غيبيات فلا نحن نعلم شكل جهنم ولا كيفية تسجيرها ولا نعلم كيفية غروب الشمس وطلوعها بين قرني الشيطان بل لا نعلم أصلاً شكل الشيطان فعلينا بداية أن نُخضِع العقل للوحيين لا أن نخُضِع الوحيين للعقل مادام اتصل الأمر بالغيبيات
لأن العقل عاجز عن فهم الكثير من الأشياء الواقعة أمام عينيه فعلياً فمابالنا بما غاب عنا ولم نره طيلة حياتنا ؟
أما عن تعارض الحديث مع الواقع أو مع إيماننا فهذا خاطئ وليس فيه أدنى صحة ...فإذا نظرنا إلى مواقيت الصلاة وجدناها تختلف من بلد لبلد وكل بلد لها مواقيت للصلاة تختلف عن جارتها " هذا في الواقع المادي الملموس "
أما فيما يرتبط بالغيب والجنة والنار فالأمر يختلف ..
ولنقرب الأمر بمثال : كل إنسان يتشابه مع أخيه في تواجده في الزمان والمكان وقد يختلف ; فكلاهما يتواجدان في مكان واحد ويوسوس لهما نفس الشيطان بل إن أحدهم يكون في أقصى شمال الأرض والآخر في أقصى جنوبها ويوسوس لهما نفس الشيطان وقد يوسوس لهما بنفس الفكرة
وقد ورد في الحديث الصحيح أن الشيطان يجري من بن آدم مجرى الدم فكيف يوسوي الشيطان لكل البشر رغم تباعد المسافات والأمكنة ؟
وكيف ينغز الشيطان كل مولود كما ورد في الحديث الشريف والأطفال تولد بالآلاف كل يوم وكل لحظة في شتى بقاع الأرض؟
وكيف يتنزل الرزق على الرجل في بلد ورجل آخر في بلد آخر؟
وكيف يُدفَن الرجل الصالح بجوار الرجل الفاجر وأحدها يتنعم في قبره والآخر يُعَذّب ؟
فهل يُعقَل أن يجتمع النعيم والعذاب في قبر واحد وفي وقت واحد ؟
إذاً كيف تسجر جهنم لأقوام في بلد ثم تسجر لأقوام في بلد أخرى وهي هي نفس الشمس التي تشرق وتغرب؟
هذه مثل تلك
الله تعالى الذي خلق الخلق وأوجد الأجنة في بطون أمهاتها في شتى بقاع الأرض في نفس اللحظة ورزق هذا وذاك في نفس اللحظة والشيطان يوسوس لهذا وذاك في نفس اللحظة وفلان تسعر ناره بذنوبه وفلان لا تستعر ناره لتوقفه عن الذنوب في نفس اللحظة وفلان تتزين جنته وفلان لا تتزين جنته في نفس اللحظة
بل إن الله تعالى شاء لملك الموت أن يقبض أرواح الآلاف في شتى بقاع الأرض في نفس اللحظة ولا يعجزه ذلك
فالقادر على فعل كل هذا قادر على أن يسجر جهنم لفلان ولفلان حين تحين لحظتهم
ليس هذا فحسب
بل إننا إذا نظرنا لآيات القرآن الكريم لوجدناها تعطينا الخيط لتفسير هذا الأمر : ف : وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الزخرف : 72]
أي أن لكل مخلوق جنته التي خلقها الله تعالى له وكلما صنع خيراً تزينت له جنته
وقد ورث الجنة من إنسان كافر من أهل النار الذي كلما عصى سعرت ناره وتلونت بألوان العذاب على حسب أفعاله
فلكل إنسان ناره وجنته هو بعينه تتزين جنته أو تسعر ناره بحسب عمله هو بعينه
فالرجل يقف بجوار الرجل هذا تتزين جنته بتسبيحه وهذا تستعر ناره بفجره فما المانع أن تسجر النار لأقوام ثم تذهب الشمس لأقوام آخرين فتسجر نارهم وتذهب الشمس لآخرين فتسجر لهم ؟
إذاً فوسط النهار تسجر جهنم الخاصة بهؤلاء الأقوام بعينهم ثم تذهب الشمس لتطلع على أقوام ثم يأتيهم نصف النهار فتسجر جهنم الخاصة بهم بعينهم لأننا نعلم أن لكل إنسان مكانه في الجنة ومكانه في النار
لذلك فالله الخالق القدير يقدر على كل شئ يقدر على جمع الأضداد لأنه خالقها وأعلم بها ولا يعجزه شئ في الأرض ولا في السماء
كما قدر على حماية إبراهيم عليه السلام من النار وهو بداخلها
فقد كان إبراهيم عليه السلام واقفاً في النار ولكنها كانت عليه برداً وسلاما
في حين أنه لو لمسها أي إنسان لأحرقته
وكما سيأذن الله لأهل الجنة أن يدخلوا النار ليُخرجوا منها أحبائهم ولن تحرقهم
فكيف كان ذلك؟
إنها قدرة الخالق التي تُعجِز المخلوقات دوماً وسبحان ربي العظيم
وإن نظرنا إلى الآية الكريمة التي قال الله تعالى فيها : نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ [الهُمَزَة : 6]
فهي نار دائمة الاتقاد وهذا أيضاً يفسر ما تساءل عنه المُعترض فهي تتقد وسط النهار لأقوام ثم تنتقل الشمس لمكان آخر وتتقد لأقوام آخرين وهكذا ... إذاً فهي موقدة وتظل موقدة في ذاتها لكنها بالنسبة للبشر تتقد بحسب مكانهم وزمانهم وهذا يتفق مع القرآن والأحاديث ويفسر بعضها بعضا ولا تعارض ولله الحمد
لكن الأمر يحتاج قليلاً من العقل والبصيرة لا أن يترك إنسان دينه الحق بسبب جدال عن جهل " إن كان على دين سابق كما يزعم "
فجميعنا قرأنا هذا الحديث مرارا وتكرارا ولم يكن المسمار الذي تم دقه في نعش إيماننا :))
والله ولي التوفيق وأستغفر الله تعالى عن أي خطأ أو نسيان والحمد لله
بارك الله فى هذا الرد ونحسبه جواب شافى والاصل الايمان بالغيب وعدم الخوض فى الجدال المذموم
ردحذفأحسنت الإجابة جزاك الله خيرا
ردحذف